الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ومن تبعه إلى يوم الدين ،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
مختصر الكلام ما قل و ذَل
مختصر الكلام ما قل و ذَل
من منا لم يسمع عن المثل القائل خير الكلام ما قل ودل ولم يُطل فيمل ،، ويقال المثل كنصيحة لمن اراد الكلام حتى يكون كلامه مفيد مختصر ، يوصِل المعلومة في احسن و اوضح حالاتها وبها ترتقي حالة المتلقي الفكرية بما قدم المتحدث من معلومة مفيدة ونقية من اللف والدوران وواضحة المعنى وصحيحة المغزى ومصدرها مصدر موثوق، فذلك فيه إحترام لعقل المتلقي ونفسيته ، وبهذه الطريقة يطمئن المشاهد او القارئ لما يتابع على القنوات الفضائية او الإذاعة او الإنترنت أو الراديو أو عند قراءته لجريدة أو مجلة لمدى صحة المعلومة التي تصله ويكوِّن بها رايا وفكرة ثم مفهوما وسلوكا .
اما الاعلام اليوم وبكل هذا الكمّ الهائل من المعلومات التي يبثها تجده لا يُقدِم ولا يؤخِر في حالة المتلقي الذهنية فالبرامج الكثيرة المتنوعة ، ماذا نجد نتيجتها ؟ إلا مزيدا من الإنحطاط الفكري والهبوط ، فمثلا : تجد البرامج التي تبث في شهر رمضان المبارك قد اصبحت اكثر سطحية وقصص المسلسلات قد اصبحت مكررة واكثر فاحشة والبرامج الدينية اصبحت اكثر تهميشا ولا يتابعها الا من رحم ربي ، وهى كذلك لا تُحسِن كثيرا من المستوى الفكري للمتلقي ، فإذا كان هناك فعلا كلام يقال فيه خير لماذا لا نرى تحسنا في المجتمعات ؟ بل كل ما نجد مزيدا من الإنحطاط الفكري ، وهذا يلاحظه كل الناس في كثير من بلاد العالم إن لم يكن كلها ! فكان من أثر ذلك على الشباب أن أوجد عندهم فراغ قاتل وإنتشرت المخدرات بينهم والفقر قد عمّ البلاد ،، فما هو فعلا دور الإعلام في هذه البلاد وفي هذه المجتمعات ؟؟ ما دور الإعلام الحقيقي في نهضة الإنسان الفكرية والرقي به ككائن اجتماعي؟
ما فائدة كل هذه البحار من المعلومات التي تنشر وتبث يوميا عبر وسائل الإعلام ؟ إن لم تكن تؤثر إلا سلبا في الناس ؟؟ أين يذهب الكلام وخيره إن فيه أدنى خير ؟ لماذا لا يرتفع المستوى الفكري للناس ؟ هل كل ما يهم الناس من تزوج ومن هرب ومن فسق ومن سافر ومن عاد ؟؟ ففي هذا الإعلام ذُل فكري للمتلقي فالإعلام يُقدم ما لا ينفع ولا يدل للخير ما دام العالم في إنحطاط فكري ، أين يذهب هذا الكم الهائل من المعلومات إن لم يكن غثاء سيل ؟
كل هذا يدلل على أن الاعلام اليوم يهدم ولا يبني ، ولا يحترم عقل المتلقي ! وإلا النتيجة العامة هى الفائدة والخير الكثير ‘ هذا إذا كان إعلام صادق وهادف فعلا . أقله أسأل المشاهد ما هو المعلوم من الدين بالضرورة ؟ ما هو الحلّ لهذا الغلاء الفاحش في شهر رمضان ؟ ومن هو المسؤول ومن نُحاسب ؟الاعلام لا يعطي المشاهد تلك الاجابات بل يتركه حيرانا يتخبط ، ويفضل محتارا ومشاكله لم تُحل ، وما برامج شهر رمضان إلا دليلا حيا على ذلك فمن يجلس لمشاهدتها تجده فقّد الجو الإيماني لرمضان الكريم فقط من التجول بجهاز التحكم على القنوات الفضائية ، ناهيك عن الجلوس لساعات ليتابع البرامج وحتى الدينية منها ، يكون تأثيرها تأثير مؤقت ، فيُحرك المشاعر التي سرعان ما تخمد . ودليل أخر ، فأسأل المسلمين اليوم عن الحلّ لقضية فلسطين المحتلة لا تجد جوابا واحدا واضحا او صحيحا يمليه علينا الشرع الحنيف، فيردد الناس شعارات ظلت تٌرفع منذ أكثر من ستين عاما و المشكلة باقية ! وإذا سألت المسلمين ما الفرق بين الفتوى والحكم الشرعي ماذا سيجيبون ، والفروض المغيبة عن ذهن المسلم بسبب الإعلام الخبيث فمثلا هل تتابع على التلفاز برنامجا فقهيا مفصلا عن فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومحاسبة الحكام في الإسلام ؟ أم هل تابعنا من قبل حلقات وحلقات تشرح ما هو تاج الفروض ، مع الإستشهاد بالأدلة الشرعية وشروحات العلماء الأفاضل كالشافعي وابن تيمية وابن الجوزية ؟ اين عِزة وأمجاد هذه الأمة ؟ أقله برامج عن الإنتصارات والفتوحات التي تمت في شهر رمضان مثل فتح مكة وغزوة بدر وفتح عمورية والأندلس والهند وعين جالوت ،اسأل المسلمين اليوم هل سمعتم عنها ؟ هل تعرضتم لها فعلا بمعناها الحقيقي ؟ معنى الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى ولما هو متعطل الأن ؟ هل هذه قضية يناقشها الإعلام ؟ فهذه الفتوحات بالنسبة للإعلام هى ايام قد ولّت وهى بالنسبة للأمة نبضها وسر نهضتها فالجهاد هو عصب حياة الإسلام فأين كنا وكيف أصبحنا ؟ اين تلك المعاني منك يا إعلام ، بكل الأنواع والوسائل ،لا خير فيك إن لم تعود بنا لأيام مجد ونهضة لم يشهد العالم مثيلا لها في كل تأريخ البشرية!
فهل نحن من تكون فينا المرأة تلبس لبس فاضح وتعمل راقصة رخيصة وفي نفس الوقت هى ذات أخلاق عالية وشريفة لا ترضى أن ييتحدث شخص عن شرفها !
و هل نحن فينا رجل يلبس كالنساء ويظن نفسه مضحك وهو في جهنم بسبب ما يرتدي! وهل أمة لا إله إلا الله تريد ذلك المسخ على شاشاتها ؟
و هل الدراما والبكاء والنواح والمشاكل الكثيرة ونحن نعلم أنه تمثيل وكذب في كذب ! و في الواقع الملموس أن المشاكل لا تبلغ نصف ما نرى على شاشات التلفزيون وحجمها اكبر بكثير وهى غالبا مشاكل حياة او موت ، وليس مشاكل سطحية انانية وفردية ، تقدم لها حلول غير واقعية وغير عملية لأنها خارجة عن شرع الله تعالى !
وفيها من يرتكبون الزنى كأنه فعل عادي ، لا كأنه من الكبائر ! ويوحي الإعلام للمتلقي أن كل هذه " التبعات الدينية " خاصة بالفرد وحده فلا يقيمون وزنا لحكم شرعي ولا يتذكرون عقاب الله تعالى ، فهذه م سالة تخص الفرد نفسه ! وهذا ايضا تناقض لأن الإعلام هدفه الرأى العام والترويج للأفكار كأفكار عامة تسود في المجتمعات وتؤثر على سلوكها .و إذا المسألة ليست فردية أبدا !
وهذا بيت القصيد فالإعلام ملآن بكثير من السموم وهذا دليل على أن كل صغيرة أو كبيرة مقصودة أو عفوية تخرج من الاعلام تجاه المتلقي لها هدف واحد هو تنفيذ الاعلام لسياسته في التضليل والتجهيل والافساد وبالتالي من يتابعه من المشاهدين فسيتخبط ويتوه ايضا ، فكيف نخرج من متاهات الإعلام وتناقضاته ؟ فالإعلام إنفصل عن هذه الأمة ولم يعُد يُمثِلها .
فما هو فعلا دور الإعلام في زماننا هذا إن لم ينهض بهذه الأمة ويقدم لها حلولا تضمن لها حياة آمنة و ويرد لها حقوقها المسلوبة . فهذا هو إحترام الإنسان وإحترام عقله الذي كرّمه به الله سبحانه، ليس الكسل والخمول والتنبلة والراحة كأنه لن يأتي على هذا الإنسان يوم حساب !
إلا أن إعلام اليوم متخصص في ما قل وذَلّ وليس ما قلّ ودَلّ !! مع الفارق البسيط أنه ليس بقليل بل كثيرا وهباء منثورا . إعلام يجب أن نعمل على تغييره وتغيير القائمين عليه إبتغاء مرضاء الله تعالى . يجب تفحصه بكل دقة وبعين الناقد الإعلامي الواعي الذي يقيس كل ما يِرِد إليه ، يقيسه على مقياس العقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية ، فهى التي ترسم لنا الطريق المستقيم ، وتوضح لنا كل الطرق المعوجة .